تل إنغارا هو موطن لزقورتين: واحدة كبيرة تقع على الجانب الجنوبي الغربي من معبد عشتار وأخرى صغيرة على جانبها الجنوبي الشرقي. كلاهما يبلغ ارتفاعه حوالي 8 إلى 10 أمتار. يبلغ عمر الزقورتين أكثر من أربعة آلاف عام: تم بناؤهما خلال فترة السلالات المبكرة (2900-2334 قبل الميلاد)، عندما بدأ تشييد المباني الضخمة الأخرى مثل القصر أ في المدينة (Zaina 2020: 14, 85). يوعتقد علماء الآثار أن الزقورتين ربما انشئتا في أوقات مختلفة (Zaina 2020: 39-40). وتخبرنا النصوص المسمارية أن أحداهما كانت تسمى في السومرية ايه كور ما E-kur-mah، "بيت الجبل العظيم" (كان هذا منزل عشتار/ نينليل)، والآخرى ايه ميلام ما E-melam-mah، "المنزل، إشراقة أنليل العظيمة" (Dalley 20023: 33).
[/kish/images/sbah-two-ziggurats-large.jpg]1. خارطة معبد عشتار وزقورتيه، مايو/آيار 2024. المصدر: الهيئة العامة للآثار والتراث، العراق
عندما تم بناء معبد عشتار في العصر البابلي الحديث، كانت هاتان الزقورتان موجودتان بالفعل، لكنهما كانتا في حالة سيئة للغاية. لذلك عندما بدأ البناؤون البابليون الجدد في تشييد المعبد، لم يقتصر الأمر على تحطيمه لإفساح المجال فحسب، بل بنوا المعبد أيضا على منصة الزقورات، وربما يخططون لاستعادة الزقورات لاحقا(Moorey 1978: 85).
بعثة فيلد اوكسفورد هي من اكتشفت الزقورتين. وتم التنقيب عن الزقورة الأصغر في مناسبة واحدة فقط من قبل ماكاي وفريقه(Moorey 1978: 85 fn 25). لكن الزقورة الأكبر كانت محور عمل بعثة فيلد اوكسفورد لعدة مواسم (Moorey 1978: 87-88).
[/kish/images/ofme-eastern-kish-large.jpg]2. "منظر (من تل W) لمنطقة المعبد الضخمة في كيش الشرقية". المصدر: متحف فيلد ألبوم الصور 140، ص. 63 (نيجاتيف رقم 175، 1920s
عندما بدأت أعمال التنقيب فوجئ الفريق بشكل الطوب المخبوز المستخدم في بناء الزقورة. كانت شكلا ما يعرف باسم "الطوب المسطح المحدب" الذي يشبه إلى حد ما لفائف الخبز. وكان لا يزال بعضها يحمل طبع ابهام صانعها في الوسط (Moorey 1978: 87). لاحظ ماكاي أيضا أن الزقورة كانت تقف فوق مبنى صغير محدب يرجع تاريخه إلى تاريخ سابق(Moorey 1978: 87).
لا يعرف سوى القليل عن الزقورة لأن التقارير المنشورة كانت عامة للغاية. لكن بعض المعلومات بقيت في رسائل وايتلين إلى مدير البعثة، ستيفن لانغدون. على سبيل المثال، أثناء استكشاف واجهة الزقورة الكبيرة، وجد وايتلين جزءا من مقبرة تحتوي على عربات مدفونة مع فرسانها، أسفل الطوب على حافة الزقور (Zaina 2020: 110).
لا نعرف كيف تم تشكيل هاتين الزقورتين أو عدد المدرجات في كل منهما. لكن علماء الآثار كانوا يعتقدون أن الزقورة الكبيرة كانت تبدو وكأنها برج منظم، وليس معبدا على منصة (Moorey 1978: 88-89; Zaina 2020: 109).
نحت العديد من الأختام الأسطوانية من السلالة الثالثة المبكرة إلى الفترات البابلية القديمة التي تم اكتشافها في كيش بصورة معبد، حيث تبدو منطقة الصلاة وكأنها منصة مبنية على الخشب (Moorey 1978: 89). لكن هذه الصور ليست بالضرورة تمثيلا حقيقيا لما يمكن أن يراه الفنانون والنحاتون القدماء في المدينة، ولا يمكن الاعتماد عليها لإعادة بناء الهندسة المعمارية للزقورات (Moorey 1978: 89, fns 37 and 38).
تم التخلي عن الزقورتين في نهاية فترة السلالات المبكرة (2900-2334 قبل الميلاد)، عندما يبدو أن المدينة قد دمرت (Zaina 2020: 135, 148; Gibson 1972: 87). ويمكن أن يكون هذا الدمار نتيجة غزو المدينة من قبل أن شاكوش آنا، حاكم اوروك، الذي أطلق على عامه الأول من حكمه بأنه "العام الذي حاصر فيه أن شاكوش آنا مدينة كيش" (Frayne 2008: 429). من الممكن أن البناة اللاحقين حاولوا استعادة الزقورتين، ولكن لم يتم العثور على دليل قاطع حتى الآن (Zaina 2020: 135).
في عام 2003 بنى الجيش الأمريكي قاعدة فوق الزقورات، بالإضافة إلى أماكن للمعيشة حولها. وأدى ذلك إلى تلف التلال، ليس فقط بسبب وزن المعدات والمركبات حول معبد عشتار، ولكن أيضا لأنهم استخدموا المنطقة أمام المعبد كمكب للقمامة (Gibson 2023: 66). ولا يزال من الممكن العثور على قذائف ذخيرة فارغة حول الزقورات والمعبد. ومع ذلك، فإن الموقع آمن: فقد تم فحصه آخر مرة بحثا عن الألغام والمتفجرات من قبل السلطات العراقية في أغسطس/آب 2024.
30 Oct 2025
نادية أث سعيد-غانم
نادية أث سعيد-غانم, 'زقورتا تل إنغارا (التلال B و F)', مدينة كيش المنسية, مشروع مدينة كيش المنسية, 2025 [http://oracc.org//tilal-kish/tell-ingharra/zaqquratan/]