يعرف التل الكبير إلى الغرب من تل إنغارا باسم تل W على الخرائط الأثرية لكيش،أو بشكل غير رسمي باسم تل أنتيكا،"تل الآثار" (Gibson 1972: 119). وأطلقت عليه بعثة OFME أيضا اسم "تل الألواح" واليوم يفصله عن بقية الموقع طريق على شكل حرف L يؤدي إلى الطريق السريع رقم 1 ،أطول طريق سريع في العراق. تل W غير مفتوح للزوار ولكنه يرى بوضوح من أعلى أي من الزقورات الثلاثة حيث يقع مباشرة بين تل انغارا وتل الأحيمر. ويتميز ببساتين التمور الكبيرة التي تحتل القاع الجاف للمجرى المائي الذي كان يوما ما يتدفق من الشمال إلى الجنوب عبر المدينة القديمة.
[/kish/images/moundw-fig2-large.jpg]1. "حفريات تل الألواح" ،الصورة غير مؤرخة. المصدر: ألبوم صور OFME ،ANT 140 ،ص. 77 ،رقم النيجاتيف68041
وكما هو الحال مع معظم الروايات عن كيش،تم احتلال هذا التل لآلاف السنين،ربما من وقت مبكر من فترة السلالات المبكرة حتى العصر الأخميني (538-331 قبل الميلاد)،مع وجود أدلة على الاحتلال البارثي والإسلامي المبكر أيضا (Gibson 1972: 120; Moorey 1978: 48; Zaina 2020: 138). لكن الاكتشافات من الفترات البابلية الجديدة والأخمينية المبكرة (القرنين السابع والخامس قبل الميلاد) هي الأكثر وفرة.
[/kish/images/moundw-fig2-large.jpg]2. "حفريات تل الألواح والعمال والموظفين" ،صورة غير مؤرخة. المصدر: ألبوم صور OFME ،ANT 140 ،ص. 78 ،لا يوجد رقم نيجاتيف.
اشتهر تل W عندما اكتشفت بعثة OFME أن مئات الألواح المسمارية تم الكشف عنها في أوائل عام 1924،خلال إحدى الزيارات النادرة لمدير البعثة البروفيسور ستيفن لانغدون للموقع. بينما كان إرنست ماكاي يجري تنقيبات عن القصر السومري في التل أ ،ويوثق اكتشافاته بعناية وفقا للطريقة الأثرية الحديثة التي دعا إليها معلمه السابق السير فليندرز بيتري،على بعد بضع مئات من الأمتار فقط. بينما تبنى لانغدون – وهوعالم آشوريات وليس عالم آثار - نهجا أكثر تقليدية. وكما يقول موري (1978: 48) puts it, "كان لانغدون مهتما فقط باستخراج الألواح غير آبه لسياقها الأثري ولا لأهميتها".
في فبراير 1924،اكتشف أحد أعضاء الفريق (لم يرد اسمه في التقارير) لوحا إلى الجنوب من التل. لذا ركز لانغدون انتباهه على هذه المنطقة لمدة أربعة أسابيع دون أي اكتشافات أخرى،حتى تحرك فريقه شمالا واكتشف رواسب كبيرة من الألواح المسمارية،معظمها لنصوص أدبية. ومع تقدمهم نحو وسط التل،وصلوا إلى مبنى كبير يحتوي على ألواح في كل غرفة تقريبا،تم تخزينها في جرار كبيرة مرتبة حول الغرف وفقا للمحتويات،وتأتي في المقام الأول المقاطع والمؤلفات الدينية(Moorey 1978: 48-49).
[/kish/images/moundw-fig3-large.jpg]3. خارطة لانغدون التخطيطية لكيش،وتظهر ما يسمى ب "المكتبة" كمجرد كتلة في الجنوب الغربي من تل W. الخارطة ليست مطابقة للقياس. المصدر: Langdon 1924: pl. 33 top.
وصف لانغدون المبنى بأنه "مبنى مكتبة" أو مجمع. ووفقا لملاحظات واتلين اللاحقة،يبلغ قياس المبنى 30.4 مترا على طول جانب واحد مع بقاء الجدران على ما يبدو حتى ارتفاع 4.40 متر (Moorey 1978: 49). ولسوء الحظ ،لم يكلف لانغدون أحدا باجراء أي مخطط معماري للمبنى،أو يسجل موقع أي من الألواح بداخله،لذا من المستحيل تأكيد طبيعة هذا المبنى اليوم (الشكل 3). ومع ذلك،فإن الارتفاع المدهش للجدران وطريقة التخزين ومحتويات الألواح تشير معا إلى أن هذا كان ملحقا للمعبد يضم طقوس قرابين للأعمال التي انتهى من عملها مجموعة من طلبة العلم من العصر البابلي الجديد،حوالي 720-500 قبل الميلاد (انظر Robson 2019: 164–7, 210–15).
احتوت الغرف أيضا على آثار أخرى،على سبيل المثال ،تماثيل لبابسوكال،الإله المصاحب للإله أنو،وتماثيل صغيرة،وكلها منقوشة بالخط المسماري ومصنوعة من الطين المخبوز. ومن شبه المؤكد أن هذه قد دفنت في أساسات المبنى في العصور القديمة،من أجل درء الشر. كما تم العثور على فخار مزجج باللون الأزرق المضبب الفاتح. وتوجد بعض النماذج في المتحف العراقي في بغداد (Moorey 1978: 50).
وفي الموسم التالي،قامت بعثة OFME باستكشاف ما بدا وكأنه بلدة كبيرة في نهاية الجزء الجنوبي من التل. واعتقد علماء الآثار أن المباني التي اكتشفوها كانت منازل،وأعطوا بعضها أرقاما ،لكنهم لم يحتفظوا بأي معلومات حول ما وجدوه هناك.
[/kish/images/moundw-fig4-large.jpg]4. لوح مسماري تم العثور عليه في مكان ما في تل W،يحتوي على الفصل الأول من ملحمة الخلق البابلية،تم تجميعها من العديد من الأجزاء الصغيرة ولا يزال الكثير مفقودا. المصدر: متحف أشموليان AN 1924.790 الوجه ،التقطت الصورة لألينور روبسون في عام 2003.
الألواح الموجودة في تل W كثيرة ومتعددة الأنواع: رسائل وعقود وحسابات،بالإضافة إلى نصوص علمية وأجزاء من مناهج دراسية. وعلى الرغم من أن موري يقدر أن أكثر من نصف الألواح البالغ عددها ألفي لوح التي وجدتها البعثة هي من تل W،إلا أن سوء طريقة حفظ السجلات يعني أن أقل من 300 لوح منها تم تسجيله. وفي عام 2004 ،تعرفت إلينور روبسون مبدئيا على نحو 80 "لوحا طويلا ورفيعا "من المكتبة البابلية الجديدة التي يفترض أنها شكلت جوهر المجموعة العلمية في هذا الموقع وهي موجودة الآن في متحف أشموليان في أكسفورد. وتتراوح الأعمال التي تحتويها من ملحمة الخلق البابلية Enūma Eliš (الشكل 4)إلى التعاويذ والصلوات والطقوس،بالإضافة إلى التنبوءات وعلم الفلك والرياضيات (Robson 2004).
تنتهي العديد من العقود القانونية الموجودة في التل W بتاريخ كتابتها،لذلك يمكننا معرفة انها كتبت في عهد الملوك الفارسيين قمبيز وداريوس وزركسيس وأرتحشستا الأول،الذين حكموا بابل في العصر 529-424 قبل الميلاد. ويمكن قراءة العديد منها بالترجمة الإنجليزية والعربية والفارسية وكذلك بالأكادية والسومرية الأصلية في مجموعة كيش.
[/kish/images/moundw-fig5-large.png]5. "توابيت من الطين في تل الألواح" ،غير مؤرخة. المصدر: ألبوم صور OFME ،ANT 140 ،ص. 81 ،رقم نيجاتيف 29
بين عامي 1924 و 1932،اكتشفت بعثة OFME أيضا مقبرة واسعة في الطوابق العليا من التل. وقاد الأب إريك بوروز أعمال التنقيب في المقبرة في غياب لانغدون خلال الموسم الثالث من وجود البعثة. واكتشف ان المقابر المكتشفة تشبه تلك الموجودة في التل A وفي تل انغارا (Moorey 1978: 49). ككل،تم تسجيل 87 قبرا،جميعها من القرن الخامس إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وتسمى التوابيت التي تم العثورعليها توابيت بشكل "حوض الاستحمام" (الشكل 5). وتم العثور على هذا النوع في العديد من المواقع في العراق،على سبيل المثال في نيبور وبابل في العصر الآشوري الجديد،وفي أور في العصر الأخميني.
وقد فرح فريق OFME بشكل خاص باكتشاف وعائين زجاجيين يرجع تاريخهما إلى القرن السابع أو السادس تم العثور عليهما في قبرين منفصلين. ويوجد أحد الوعائين في المتحف العراقي (IM 2277 ،موجود في القبر 23) ،وهو مشابه جدا للأواني الموجودة في أور. والآخرموجود في متحف فيلد في شيكاغو (Field 230904).
30 Oct 2025
نادية أث سعيد-غانم & إلينو روبسون
نادية أث سعيد-غانم & إلينو روبسون, 'تل الألواح (تل W) وما يسمى ب "المكتبة"', مدينة كيش المنسية, مشروع مدينة كيش المنسية, 2025 [http://oracc.org//tilal-kish/tell-alalwah/]