بعد مغادرته العراق في مايو 1912 ، ظل دو جنوياك (انظر فهرس الأسماء) على اتصال منتظم مع تجار الآثار في بغداد بهدف شراء القطع الأثرية من كيش. واستمر مسيح (انظر فهرس الأسماء) وسمهري (انظر فهرس الأسماء)، بشراء مجموعات له كما كانوا يفعلون من قبل. وكانوا يشحنون الاثار الى ججو في باريس (انظر فهرس الأسماء).
وكان لدى سمهري مهمتان. أولاهما، كان عليه أن يحتفظ بالصناديق المخصصة حصريا لدو جنوياك في منزله حتى يتمكن الأخير من استلامها شخصيا. وكان دو جنوياك يدفع قيمة هذه الصناديق لسمهري ومسيح وججو مباشرة. وكان من المقرر إرسال صناديق أخرى إلى عملاء محددين، ولا سيما متحف اللوفر في باريس والمتاحف الملكية للفنون والتاريخ في بروكسل. وفي حال بيعها، كان على هؤلاء العملاء الدفع إلى ججو مباشرة، ليرسل حصة من العائدات إلى مالكي المجموعات. الا ان هذه المؤسسات لم ترغب دائما بشراء الآثار المعروضة، ويفسر رفض هذه المؤسسات للقطع الأثرية من كيش كيف انتهى الأمر بها إلى التشتت في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
مثال على ذلك، مجموعة من 32 لوحا من الوركاء و 25 خرطوشا من عدد من المواقع، بما في ذلك كيش، أرسلها ججو إلى المتاحف الملكية للفنون والتاريخ نيابة عن مسيح في عام 1912 [1]. وعندما رفض المتحف القطع وأعادها، قام ججو ومسيح بتسليم المجموعة إلى الفرع العائلي لشركة رزوق مسيح (انظر فهرس الأسماء)[2]. تظهر المراسلات بين التجار ودو جنوياك أيضا أن عدد خراطيش كيش المذكورة أعلى بكثير من تلك التي تم تحديدها حاليا في المجموعات.
الى جانب مسيح وسمهري، سمع تجار آخرون في بغداد أيضا باهتمام دو جنوياك بالقطع الأثرية في كيش وأرسلوا له مجموعات إلى باريس. فقد أرسل جورج خياط (انظر فهرس الأسماء)، على سبيل المثال، 474 لوحا من كيش في مايو 1912 الى منزل ججو [3]. ولو لم تنج رسالة خياط، لكان من المستحيل إضافته إلى سلسلة منشأ هذه الأشياء لأن القطع الأثرية التي أرسلها إلى فرنسا لم تكن مسجلة باسمه ولكن باسم اثنين من أصدقائه. كما كتب بنفسه، فقد وضع مجموعة واحدة من 132 لوحا من كيش تحت اسم ديفيد فيتو (انظر فهرس الأسماء)، تاجر آثار مقره بغداد، ووضع مجموعة ثانية من 342 لوحا من كيش باسم ديفيد نومه (انظر فهرس الأسماء)، تاجر آثار يعمل في مرسيليا.
كما اشترى دو جنوياك أيضا قطعا أثرية من كيش من العديد من التجار الآخرين، وكان يندم بشدة على ذلك أحيانا. فقد اشتكى إلى سمهري مثلا، من أن المجموعات التي اشتراها من ريتشارد كوك سيء الصيت (انظر فهرس الأسماء)، وتوماس ميماريان (المعروف ببيع السجاد) (انظر فهرس الأسماء)، كانت غير صالحة للبيع: "باستثناء النصوص (الطوب والألواح) ، فان كل ما أشتريه منك (سمهري) ومسيح وكوك وميماريان يبقى بين يدي (دون بيع) !!" [4]
على الرغم من العلاقات التي ربطتهم بباريس، لم يرسل التجار دائما مجموعات كيش الخاصة بهم إلى فرنسا. في شتاء عام 1912 ، كتب سمهري أنه أرسل صندوقا من "نحو مائة قطعة [...] معظمها من كيش [...]" إلى جي جي نعمان (انظر فهرس الأسماء)، تاجر مقيم في لندن متخصص في تجارة المخطوطات القديمة الا انه يبيع الألواح المسمارية احيانا [5]. بدا سمهري معجبا بشكل خاص ب 50 لوحا من كيش، واصفا إياها بأنها "رائعة وكبيرة ومن طين أحمر بالكامل". واختار سمهري عمدا إرسالها إلى نعمان بدلا من ججو لأنه لم يكن راضيا عن الأخير في تلك المرحلة. اذ كان قد عهد إلى ججو ب 90 لوحا مسماريا من كل من سيبار ونيبور ودريهم وكيش في عام 1910 لم تزل غير مباعة بحلول نوفمبر 1912 [6]. لكن لا بد أنه كان يعلم أن من المحال منع ججو من أن يكون طرفا من هذه الصفقة حيث كان ججو يعرف نعمان جيدا ، بل كانا أبناء عمومة.
بعد عام 1913 ، توقف وصول القطع الأثرية من كيش إلى أوروبا على الأقل من خلال هؤلاء التجار، ربما بسبب الحرب العالمية الأولى. وقد واصل ججو بيع الآثار خلال الحرب وذكر القطع الأثرية في كيش في عام 1914، في قائمة الأشياء التي أرسلها إلى المتحف البريطاني في 4 أبريل. وتذكر القائمة مجموعة واحدة من 29 لوحا مسماريا، وثانية من 44 لوحا ، وثالثة من 196 لوحا ، كلها تحمل لافتة تقول "من الأحيمر" (كيش).
ندما سقطت بغداد في أيدي البريطانيين في مارس 1917، وجد تجار الآثار أنفسهم غير قادرين على تصدير القطع الأثرية لبعض الوقت. لكن هذا الحال لم يدوم. فبحلول عام 1920، تمكن هؤلاء الرجال من استئناف تجارتهم الدولية. كما أن قانون الآثار لعام 1924 ساعدهم في عملهم التجاري، عندما جعلت المادة 13 منه تصدير القطع الأثرية قانونيا لحاملي التصاريح. ولم تذكر الرسائل التي وصلت الينا من التجار صراحة كيش حتى عام 1930، عندما عاد دو جنوياك للتنقيب جنوبا في تيلو.
16 Oct 2025
نادية آيت سعيد غانم
نادية آيت سعيد غانم, 'الحفريات الأثرية المحلية وتجار الآثار (1912-1923) ', مدينة كيش المنسية, مشروع مدينة كيش المنسية, 2025 [http://oracc.org//tarikh-kish/altijar1912-1923/]