ترتبط مدينة كيش ارتباطا وثيقا بالأساطير عن سرجون، ملك أجادي، أحد أشهر حكام العراق القديم(الصورة 1). يعتقد أن سرجون بدأ حياته السياسية كحامل كأس للملك أور زابابا في كيش. ثم هزم ملك أوروك، لوغال-زاجي-سي، وأسس إمبراطورية كبيرة مثيرة للإعجاب امتدت لتشمل العراق وإيران وسوريا وتركيا وتمتد حتى البحر الأبيض المتوسط في الغرب ووادي السند في الشرق.
[/kish/images/map-of-iraq-large.jpg]1. يصور هذا النصب التذكاري المتضرر بشدة، سرجون ملك أكاد (تم معرفته من خلال نقش على وجهه المتضرر)، يقود حاشية من كبار المسؤولين. وفي الأعلى تظهر عملية اقتياد الأسرى العراة بعيدا. ويظهر على الجانب الآخر من النصب معركة ونسور تتغذى على جثث الموتى. يعتقد أن النصب نحت في نيبور في عهد سرجون، 2300 قبل الميلاد، ثم تم الاستيلاء عليه ونقله إلى سوسة في جنوب غرب إيران، بعد ألف عام، من قبل الملك العيلامي شوتروك ناهونتي الأول. المصدر: Sb 1 ،متحف اللوفر [https://collections.louvre.fr/en/ark:/53355/cl010123451].
في أسطورة "سرجون وأور زابابا" ، تكاثرت الأحلام على الملك أور زابابا التي يرى فيها أنه سيفقد السلطة. ويلقي باللوم على سرجون فيخطط لقتله ، الا ان كل المحاولات تفشل بفضل حماية الإلهة إنانا.
أعيد صياغة رواية "سرجون وأور زبابا" مبدئيا من مخطوطتين بابليتين قديمتين: جزء منها من أوروك (الجزءان أ و ج) ولوح أكثر اكتمالا من نيبور (الجزء ب). ورغم أن كلا من أور زابابا ملك كيش وسرجون الذي انتصر عليه، شخصيتان تاريخيتان موثقتان جيدا وعاشتا بالفعل، لكن هذه الرواية ليست رواية واقعية. بل انها تروى من منظور حوالي 500 عام بعد الأحداث المذكورة، لذا استخدم فيها رمزيات الحكايات الشعبية، والأحلام التي تتنبأ بالمستقبل، لخلق صورة لرجل صادق ومتواضع (سرجون ، حرفيا "الملك الحقيقي") الذي يتغلب على طاغية مخادع (أور زابابا) ليجد نفسه قد حل ملكا في مكانه.
يصف الجزء أ كيف تستعيد كيش عزها في عهد ملكها أور زابابا، الا أن آلهين رئيسيين، آن وإنليل ، يقومان بتدميرها. ثم يذكر سرجون نفسه في سياق مجزأ. تنتمي هذه السطور إلى التقليد في الأدب السومري الذي يفسر الأحداث السياسية من حيث التدخل الإلهي ، بنفس طريقة قائمة ملوك سومر.
ويطور الجزء ب العلاقة بين أور زابابا، الذي يرى حلما مشؤوما يرفض الخوض فيه، وسرجون ، الذي تم تعيينه ليكون حامل الكأس، وهو منصب مهم في قصر الملك. بعد بضعة أيام ، كان لدى أور زابابا رد فعل مرتجف على حلمه: "مثل الأسد تبول ، ورش ساقيه". ثم يرى سرجون حلما آخر، مما يؤكد ما يخشاه، أن أور زابابا لديه سبب للارتعاش. اذ كما يروي سرجون للملك، في حلمه، أغرقت الإلهة إينانا، الإله الراعي لكيش، أور زبابا في "نهر من الدم".
الا أن أور زابابا يعيد تفسير فحوى حلم سرجون، مدعيا أن سرجون هو المعني بالحلم، ويأمر رئيس حداديه بتحقيق الحلم بطريقة ميلودرامية، من خلال التخلص من حامل الكأس باستخدام قالب لصب التماثيل. الا أن الإلهة إنانا، التي تدعم سرجون بدلا من أور زابابا، تنقذ حامل الكأس بان تنصحه بعدم دخول المعبد لأنه ملوث بالدم، على الأرجح نتيجة لحلمه. يملأ بقاء سرجون أور زابابا بمزيد من النذير ويبتكر مؤامرة أخرى ضد حامل الكأس. فيرسله إلى حاكم أوروك ،لوغال-زاج-سي ، برسالة تأمر بقتل حاملها. وهكذا تم دمج فكرة فولكلورية إضافية في السرد الأيديولوجي، وحامل آخر لمثل هذه الرسالة هو البطل اليوناني القديم بيليروفون في الإلياذة.
لا تزال محتويات الجزء ج، الذي تقع أحداثه في أوروك ليس في كيش، التي كان الهها الراعي إينانا ايضا، غير واضحة. ومع ذلك، فإنها تشير إلى استمرار بقاء سرجون. كما تدعم الأدلة التاريخية أيضا بقائه على قيد الحياة فقد أصبح ملكا على كيش، مما منحه السيطرة على شمال بابل. ثم هزم لوغال-زاج-سي، مما منحه السيطرة على جزء كبير من الجنوب. وأسس عاصمته الخاصة، أجادي ، التي كان إلهها الراعي إينانا مرة أخرى.
20 Oct 2025
نادية أث سعيد- غانم & ألينور روبسون
نادية أث سعيد- غانم & ألينور روبسون, 'أسطورة سرجون وأور زابابا', مدينة كيش المنسية, مشروع مدينة كيش المنسية, 2025 [http://oracc.org//alasatir/sargon-wa-urzababa/]